مسيرة ولد الجاي بعين الخبير!
ولد اجاي وحدود التسلقية وعدم الكفاءة :
بعد قرابة عشرة أشهر على تعيينه ، تساقطت الأقنعة وسقطت ورقة التوت عن ولد اجاي ليجد نفسه مكشوفاً أمام الشعب الموريتاني وأمام ولي نعمته، عاريا من منمقات الأقلام المأجورة، وقد انتهى به المطاف حيث كان يمدح سيده الأول: إنها انجازات لا ترى بالعين المجردة. وكشف خلال هذه الفترة عن الخيط الحقيقي الناظم لمسيرته: مستوى غير مسبوق من قلة الكفاءة وضحالة الثقافة العامة وانعدام الثقافة السياسية، وعزيمة حقيقية على الدسيسة والتآمر على كفاءات البلد وعلى كل من لا يخضعون له أو لايتوسم فيهم قابلية للخضوع.
لم يكن ولد اجاي إلا محصل ضرائب فشل في دخول قطاعه بالمسابقة فدخله بالتسلق والتصفيق. ولأنه شق طريقه فيه بسرعة بفضل صدفة جعلته الأداة الأنسب لولد عبد العزيز لاستهداف البعض ، تخيل ولد اجاي أن كل شيء في هذا البلد "يفرص". وأن كل الموريتانيين يشبهون الذين انتصر عليهم داخل حزب انصاف ، وان المهم هو ملئ الفضاء الأزرق ضجيجاً، وتضليل رئيس الدولة، والأمور كلها بسيطة.
تجلت سطحيته وابتذاله عند اللحظة الأولى حين وضع وزير تمكين الشباب وحتى سكرتير الحكومة (أمينها العام) في رتبة بروتوكولية فوق وزراء السيادة. وكان مقتنعا -نعم ثقافته ضحلة ومبتذلة- أن في ذلك رسالة بأهمية الشباب. لم يفهم أحد الرسالة الغبية وصرنا أول جمهورية تعتمد هذا الترتيب البروتوكولي المربك.
حاول خفض الأسعار بمفاوضات مع التجار فانطلقت إلى عنان السماء بسرعة صاروخية. حتى الاحتكار -الإسمنت- حاول التعامل معه بالتفاوض وفشل كما كان متوقعا.
قبل ذلك وبعده أرهب ولد اجاي حزب انصاف بشخوصه وشخصياته واعتقد ذلك ينسحب على كل موريتانيا. لم يحرؤ أحد داخل حزب انصاف على القول ان مراكز متحدون الموسومة في نواكشوط لم تعط لولد الغزواني 30% من أصواتها لأن ولد اجاي لا شعبية له ولا يمكن ان تكون له شعبية. بامكانه فقط الإيحاء والإلحاح وتكثير الدعاية.
بعد تشكيل الحكومة ظهرت عقليته البدائية فحيث منح هامش حرية اقترح زمرته المقربة لتجد البلاد نفسها بحكومة لاتمثل قاعدتها الاجتماعية 10% من السكان وان بقي السؤال مربكا الموريتانيين والمراقبين الخارجيين : كيف لرئيس يتحدث عن التهدئة والأخلاق وجعلها مأمورية الشباب و "لن يكون بيننا من تمتد يده للمال العام"، أن يقوم بعد ذلك بتعيين ولد اجاي الغارق في الفساد منذ يومه الأول، الناقم ، لعدم كفاءته ولفشله في مسابقة ، على جهاز الدولة وعلى ذوي الكفاءات، والمرفوض اجتماعياً وسياسيا واخلاقيا .
ثم تفتقت عبقرية ولد اجاي عن منهجية جديدة في التسيير هي منهجية "مول البنطرة". يجلس من الصباح إلى المساء ليسير كل جزئية بنفسه في اجتماعات متواصلة وهو ما قضى على دور الوزارات والوزراء والإدارة وأدى إلى شل جهاز الدولة المترهل أصلا (كان هذا الجهاز قد عانى الهجمات المتواصلة لولد اجاي في العشرية الماضية حيث زرع فيه من زرع من عديمي الكفاءة وحملة الشهادات المزورة).
ولأنه منغمس في تسيير الجزئيات وتفاصيل التفاصيل حبس ولد اجاي هيكليات الوزارات لأكثر من ستة اشهر بالنسبة لبعضها، ولم يفرج عنها إلا حين اشتكاه بعض الوزراء لدى رئيس الدولة.
وذات صباح ، شكل -بنفس الطريقة التي كان يشكل بها بعثات حزب انصاف - وفودا لتشخيص احتياجات الولايات وبلورة خطة تشاركية للتنمية المحلية في ثلاثة ايام، فانبرت مئات الهايليكسات
في صحاري البلد تحمل موظفين لايعرفون بالضبط ماهدف مهمتهم. كانت تلك مجرد فقاعة إعلامية يدفع الرجل ثمنها حاليا. إذ هنالك بروتوكول معروف لصياغة خطط التنمية التشاركية في جميع بلدان العالم وفي بلدنا على وجه الخصوص ، ويتطلب عدة مراحل بعضها محصور في الادارة المحلية ، وبعضها الآخر يتطلب مشاركة خبراء التنمية ، وبعضها الأخير يتطلب اشراك الساكنة من حيث نشاطها الفعلي وليس من حيث تجميع الفركان على طريقة "الحصرة" في ظل الاستعمار الفرنسي كل هذا يجهله ولد اجاي الذي لم يدخل أبدا مدرجات جامعة عريقة وينحصر مساره في معهد للإحصاء بالمغرب الشقيق لم يمكنه تكوينه فيه من النجاح في مسابقة المدرسة الوطنية للإدارة.
وهكذا تراكمت الملفات وتعطلت المشاريع وتفاقم تردي الخدمات اقتطع من ميزانيات الوزارات وأطلق برنامج التدخل الاستعجالي في نواكشوط وكل ما أنجز هو طرق سيئة الانجاز ، محفوفة بأحجار متناثرة أصبحت خطراً على أمن المرور. ولكنه راعى في توزيع الصفقات ان يحصل متحدون وفورنيسيرات متحدون ومكاتب دراسات متحدون على حصة الأسد من الصفقات
ثم قام ، لتلافي هفواته المتلاحقة ، بتضليل الرئيس حول مستوى تقدم تنفيذ المشاريع إلى ان قرعه في مجلس الوزراء وكنا كشفنا عن ذلك في حينه.
وفي مجال الاقتصاد الذي لايفهم فيه ولد اجاي إلا مايفهم من اللغة الصينية -أو الفرنسية- اختزل الأمر في اغبى سياسة يمكن اتباعها باجماع المدارس الاقتصادية ألا وهي اثقال كاهل المواطن البسيط بالضرائب حتى المتسولون شملهم ذلك.
الآن وقد عرف ولد اجاي حدوده، وعرف ولد الغزواني والموريتانيون تدني كفاءته وانعدام قدرته على الإنجاز بدأت رحلة التخبط والهروب إلى الأمام، ولكن هروب على مستوى ثقافة ولد اجاي الضحلة: في زيارة رسمية إلى دولة اجنبية عبر عن رغبته في دعم تلك الدولة لترشحه في الرئاسيات وكأن رؤساء موريتانيا يعينون بمراسيم أميرية أجنبية لمواجهة فشله ، حاول ان يجعل نفسه "ضروريا" للرئيس بإيهامه انه يقود إلى جانب متحدون جزءا مهما من المعارضة ويتحكم فيه وبدا ذلك ابتزازا ممجوجا للرئيس الضعيف وهو يواصل الآن بأساليبه المعهودة محاولة افشال الحوار السياسي المرتقب ليس فقط لأنه يعتقد نجاح الحوار بمثابة مرسوم اقالته ، ولكن لأنه يعرف ان هذا الحوار سيتناول سياسات حكومته بالفحص والتمحيص.
وفي الأخير ، بدأ القوم بتسللون عنه الواحد تلو الآخر انكسرت الأقلام المأجورة، وانحسرت الأصوات المزمرة والمطبلة لأنها أحسّت بتغير اتجاه الرياح وبدأ مقربوه يقولون انه خدعهم فيما يقول هو ان الرئيس خدعه.
وفي انتظار ذلك عين ولد اجاي جنود متحدون ، خصوصا في المشاريع والوظائف التي لا تمر عن طريق مجلس الوزراء بعد ان قيدت يداه هناك.
ويعيش ولد اجاي كالعادة في عالم من المؤامرات فكل تحليل او تقييم لسياسته لابد ان يكون مؤامرة من ولد احويرثي او من حمود ولد امحمد الآن وقد تصالح معهم يبدو جليا انه فقط متسلق احتل منصبا ماكان له ان يشغله وان الذي يرفضه هو الشعب الموريتاني ورأيه العام وبيروقراطية الدولة الحقيقية وليست تلك التي انزلت بالمظليات من طرف متحدون -وهذا الرفض سيتواصل سواء تصالح ولد اجاي مع الديكتاتور ولد احويرثي او اختلفا : هذا منصب يحتاج إلى رجل كفؤ، مقبول اجتماعياً وسياسياً، لا تلاحقه اتهامات الفساد والسرقة وليس لديه ملف نائم عند العدالة يمكن بعثه في اي وقت رجل مثقف ومتحضر يمكنه الحديث امام سونكو دون ارتباك او تلعثم او لغة ركيكة، ويمكنه السفر إلى الخارج دون تسول الدعم لطموحات وهمية.
بعد عشرة اشهر من حكامة ولد اجاي، يعاني الموريتانيون العطش القاتل في كل ربوع البلد، وبالذات في العاصمة التي يعمل على "عصرنتها". يعانون انقطاع الكهرباء في كل ربوع الوطن وفي عاصمتهم "المعصرنة". ازدادت الأسعار ، ولم ترتفع الرواتب. ترهل جهاز الدولة اكثر بل تحلل. وتم تتويج كل ذلك بتصريح وزير ماليته امام المانحين يوم أمس ان نصف سكان موريتانيا يواجهون خطر المجاعة هذا الصيف منهم 600 ألف يواجهون خطر الموت جوعا.
يجد ولد اجاي الآن نفسه في مأزق اختاره لنفسه بنفسه بتعطشه لمناصب ليس على مستواها وهلعه على الهيمنة والابتزاز والدسيسة. يجلس ولسان حاله يقول:
واليوم اجلس فوق سطح سفينتي
كاللص ابحث عن طريق نجاتي.
كنا في مسرحية شاكسبير، لقد قامرت وخسرت وذلك مصير المتسلقين.