رسالة تعزيته، كتأكيد على عظمة هذا الرجل التي ستظل محفورة في الذاكرة الجماعية.
في كل عمل من هذه الأعمال، جسّد سيدي محمد ولد الشيخ عبد الله وطنية نادرة، مظهراً وفاءً لا يتزعزع للمبادئ التي كان يؤمن بها: العدالة، الكرامة، والوحدة الوطنية.
عند وفاة سيدي محمد ولد الشيخ عبد الله في 22 نوفمبر 2020، كانت عائلته، التي ظلت مخلصة لقيم التواضع والبساطة التي جسدها طوال حياته، تستعد لدفنه بعيداً عن الأضواء والأنظار الفضولية. كانت رغبتها بسيطة: دفنه في قريته الهادئة "لمدن"، بعيداً عن عدسات الكاميرات وحشود نواكشوط. لكن هذا القرار، الذي اتخذ بدافع احترام عميق للراحل، أثار موجة من ردود الفعل.
فقد توافد مئات المواطنين، كمدّ صامت، إلى منزل الرئيس الراحل فور إعلان نبأ وفاته. بالنسبة لهم، لم يكن هذا الرجل مجرد فرد من أسرته، بل كان رمزاً للأمل والكرامة التي يحملها كل فرد في قلبه. وعارضوا بشدة أن يكون وداعه محصوراً في مراسم خاصة، مؤكدين أن الأمة بأكملها لها الحق في تقديم تحية الوداع الرسمية الأخيرة.
تأثراً بهذه العاطفة الشعبية وتقديرا لمكانة الرجل وعلاقته الحميمة به، قام الرئيس محمد الشيخ الغزواني، الذي تم إبلاغه بالوضع من قبل أحد وزرائه المقربين من الراحل، بإرسال رسالة إلى العائلة على الفور. عبر فيها عن رغبته في تكريم سلفه من خلال تنظيم مراسيم وطنية تليق بمقامه وإرثه، بشرط أن توافق العائلة على ذلك. وبعد تبادلات محكومة بالاحترام، تم التوصل إلى اتفاق، مما خفف بذلك من معاناة العائلة، وكذلك آلاف من الموريتانيين المكلومين الذين كانوا يأملون في هذا التصرف.
هذا التكريم الرئاسي، الذي كان تعبيراً عن الاحترام، لقي قبولاً كبيرا من الجميع. كان يعكس الاحترام العميق الذي كان يكنه الرجلان لبعضهما البعض، وهو إعجاب كنت قد أتيحت لي الفرصة لملاحظته خلال لقاءاتي الخاصة مع كل منهما. كان كل منهما يتحدث عن الآخر بتقدير صادق، وارتباط خفي لكنه ملموس، مما كشف عن نبل رحويتهما. في هذا التكريم الأخير، كانت هذه الأخوة الصامتة تظهر للعلن: صداقة تم بناؤها على الاحترام والاعتراف بالقيم المشتركة، مما أضاء، وإن كان لحظة قصيرة، الأمة بأكملها