لضمان مشاركة فعالة في أي حوار وطني مرتقب.
تفكيك المنهجية
بينما أبدى تواصل تحفظات على وثيقة خارطة طريق الحوار الوطني، وصف حزب الإنصاف الحاكم الحوار المرتقب بأنه “فرصة تاريخية” لموريتانيا بكل أطيافها السياسية، مع تأكيد وجود توافق واسع على القضايا المحورية، ودعوة إلى تفهّم المنهجية التي اعتمدها المنسق العام للحوار.
وقال النائب الأول لرئيس حزب الإنصاف، محمد يحيى ولد حرمه، في مقابلة مع قناة “صحراء 24″، إن خارطة الطريق التي أعدّها المنسق موسى فال جاءت انعكاسًا لمقترحات وردت إليه من أطراف سياسية ومكونات من المجتمع المدني، بناءً على استبيانات تم توزيعها سابقًا.
وأضاف: “المنسق لا يأتي بشيء من جيبه، وإنما رد إليهم بضاعتهم”، في إشارة إلى أن الوثيقة تعكس حصيلة المشاورات.
واعتبر أن تقييم الوثيقة بشكل متسرّع قد يكون ناتجًا عن عدم فهم المنهجية، مشيرًا إلى أن موسى فال مرّ بمرحلتين: أولاهما إطلاق استبيان يتضمن أسئلة محددة، والثانية إعداد خلاصة لما ورد في الردود. وقال إن المنهجية، وإن بدت غامضة للبعض، ستُشرح لاحقًا بشكل واضح خلال مؤتمر صحفي مرتقب للمنسق.
وبخصوص موقف الحزب من الوثيقة، أشار ولد حرمه إلى أن في الأغلبية تباينًا في الآراء بشأن بعض ما ورد فيها، لكنه شدد على أن ذلك “لا يمنع من الانخراط في المقاربة ومتابعتها”.
ولفت إلى أن الوثيقة تضمنت ثلاثة محاور رئيسية متفقًا عليها، هي: الوحدة الوطنية، اللحمة الاجتماعية، وتعزيز النظام الديمقراطي.
وقال إنهم في حزب الإنصاف لا يوافقون على بعض العبارات والجزئيات، لكن هذه لا تغطي على المحاور الأساسية والمبتغى الجوهري”، مشيرًا إلى أن الهدف الأهم هو “بناء توافق وطني يخرج البلد من تخندقات عاشها في الفترات الماضية، ويضع نصب الأعين المصلحة العليا للوطن”.
ودعا إلى أن يكون التفاعل مع المنسق العام للحوار عبر القنوات المغلقة لا عبر الإعلام، قائلاً: “علينا أن نجيب المنسق بما نراه مخالفًا من رؤى، لكن خلف الأبواب الموصدة”، في إشارة إلى ضرورة إدارة الخلافات داخل الأطر المؤسساتية.
ورأى ولد حرمه أن الأغلبية هي الطرف الرئيسي في الحوار، لما تتحمله من مسؤولية في قيادة العملية السياسية والتفاعل مع الأطراف المعارضة والمجتمع المدني، وأضاف: “لولا ذلك، لما كان الرئيس في حاجة إلى إعلان أن الحوار من أولوياته”.
وردًا على تساؤلات حول مدى حيادية المنسق، قال: “حسب معرفتي بموسى فال، لا أراه أقرب إلى الأغلبية أو منحازًا لها، فهو له تاريخ معارض، ويتعامل مع طيف معقد”، معتبرًا أن منهجيته تقوم على حسن النية، لكنها لم تُفهم بعد بشكل صحيح.
وحرص موسى فال على أن تضم خارطة الطريق توصيات واضحة وضمانات طالما طالبت بها المعارضة، محاولة منه لإرساء قواعد لحوار وطني جاد، إلا أن المنهجية المتبعة في صياغتها، وعدم التفاعل الكافي مع مختلف أطياف الطيف السياسي، خاصة المعارضة، قبل خروج الوثيقة للعلن، كشفت عن تعقيدات عميقة وهشاشة لا تخفيها الخلافات الظاهرة.
فكل كلمة وحرف في هذه الوثيقة تُحاك وسط توترات مستمرة، تعكس صعوبة تذليل العقبات أمام حوار يحمل إرثًا من الإخفاقات، ويؤكد أن الطريق إلى التوافق لا يزال محفوفًا بالتحديات والصراعات السياسية التي لا تخفت.